عوائل مسيحية مطالبة بدفع الجزية أو اعتناق الإسلام.. أو مغادرة «الدورة»
نائب مسيحي: القضية بدأت فصولها قبل شهرين ولا علاقة لها بالصراع السياسي
بغداد: نعمان الهيمص ورحمة السالم
تلقى مسيحيون عراقيون تهديدات من قبل مسلحين مجهولين في منطقة الدورة جنوب بغداد باعتناق الاسلام أو دفع الجزية أو ترك منازلهم بمحتوياتها.
وقال افرام عبد الاحد النائب المسيحي في التحالف الكردستاني لوكالة الانباء الالمانية، أمس «إن مسلحين مجهولين خيروا المسيحيين الذين يقطنون منطقة الدورة جنوب بغداد، بين دفع الجزية البالغة 250 ألف دينار (حوالي 200 دولار) عن كل شخص او اعتناق الاسلام أو الرحيل عن مناطقهم وترك منازلهم بما تحتويها». وطالب النائب عبد الاحد الحكومة العراقية بالتدخل لوقف هذه التهديدات ووضع حلول لهذه المشكلة وإنهاء «معاناة المسيحيين» في البلاد.
يشار إلى أن عدد المسيحيين في العراق قبل سقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين يبلغ نحو 850 ألف شخص يتمركزون في بغداد والبصرة وكركوك، والغالبية في مناطق كردستان، غير أن عشرات الآلاف منهم غادروا البلاد أو هاجروا بعد سقوط النظام ولا تتوفر أرقام دقيقة عن عددهم في الوقت الحاضر، غير ان أعدادا كبيرة منهم لجأت إلى منطقة كردستان العراق الآمنة نسبيا مقارنة ببقية المدن العراقية. من جهته، اكد يونادم كنا، النائب في البرلمان عن المسيحيين في العراق لـ«الشرق الاوسط»، انها «حالة مزرية ومؤسفة، وبرغم ان الخطة الامنية بدأت منذ اكثر من شهرين، لكن يبدو أن القوات غير كافية للانتشار في كافة مناطق بغداد». مشيرا الى ان «القضية بدأت حينما نزح متشددون وإرهابيون من الانبار الى مناطق جنوب بغداد ومنها الدورة، حيث بدأوا بتهجير العائلات المسيحية.. هؤلاء هم عبارة عن عصابات مارقة تقوم بسلب أموال المواطنين ويدعون أنهم ممثلو دولة العراق الاسلامية».
وأضاف «لا علاقة للأمر بالصراع السياسي، لكن المنطقة تحولت الى حاضنة آمنة لهم وبدأو بالتعرض للاهالي، وهناك الآلاف من العوائل التي نزحت الى مناطق اخرى من بغداد والى سهل نينوى وكردستان، وناشدنا الحكومة لإيجاد حلول عاجلة لهذه القضية». و«الدورة» مدينة صغيرة ساخنة، تشهد أعمال عنف مستمرة منذ اكثر من عام بعدما اتخذت منها المجموعات المسلحة مركزاً لممارسة نشاطاتها المختلفة. وهذه المدينة التي تقع (جنوب بغداد) والتي تعد من أهم المناطق المؤدية الى المدن الجنوبية (كربلاء والنجف)، تقسم الى عدة مناطق ويسكنها خليط من السنة والشيعة، بالاضافة الى العوائل المسيحية.
والتي تقطن غالبيتها في منطقة (حي الميكانيك) والآثوريين وحي آسيا، وشهدت الدورة منذ فترة ليست بالطويلة عمليات تهجير للعوائل المسيحية جاءت على خلفية التهديدات التي تلقتها من قبل المجموعات المسلحة في المنطقة، ناهيك من عمليات القتل التي طالت العديد منها.
وتقول ام ماري التي تسكن في حي السيدية المجاور لمنطقة الدورة، انها تعرضت الى تهديد بالرحيل من المنطقة او ارتداء الحجاب الاسلامي، لكنها قالت «لا نعرف الجهة التي دست التهديد المكتوب الينا، الأمر الذي يجعلنا في حيرة من أمرنا».
وتقول (ع. ك) مدرسة، مسيحية، «أسكن في الدورة منذ 20 عاماً مضت وها أنا الآن أتركها مرغمة»، وتضيف لـ«الشرق الأوسط» «لقد وصلتني وعائلتي رسالة من قبل المجموعات المسلحة، تطلب منا بمغادرة المنزل او ندفع ما يعرف بـ(الجزية) وفق الشريعة الاسلامية».
يذكر أن أئمة الجوامع في منطقة الدورة قد أعلنوا عن طريق خطب الجمعة وأيضاً عبر المكبرات الصوتية، عدم مسؤوليتهم عن هذه الأعمال المنافية للشريعة الاسلامية، لاسيما وأنهم (المسلمين) يعيشون مع المسيحيين متآخين منذ عقود من السنين، بدون اي مشاكل تذكر ولا ضغوطات تجبرهم على ترك منازلهم.