--------------------------------------------------------------------------------
--------------------------------------------------------------------------------
المســــــيح الدجـــــــال
سمي الدجال مسيحا؛ لأن إحدى عينيه ممسوحة، وقيل لأنه يمسح الأرض أربعين يوما.
1- معنى الدجال:
وسمي الدجال دجالا: لأنه يغطي الحق بالباطل، أو لأنه يغطي على الناس كفره بكذبه وتمويهه وتلبيسه عليهم.
2- صفة الدجال:
الدجال رجل من بني آدم له صفات كثيرة جاءت بها الأحاديث لتعريف الناس به، وتحذيرهم من شره. وردت صفة الدجال في الأحاديث
وهذه الصفات هي:
أنه رجل شاب أحمر، قصير، أفحج، جعد الرأس، أجلى الجبهة، عريض النحر، ممسوح العين اليمنى، وهذه العين ليست بناتئة (بارزة) ولا جحراء ( ليست غائرة منجحرة في نقرتها) كأنها عنبة طافئة. وعينه اليسرى عليها ظفرة الحمة تنبت عند مقدمة العين) غليظة. ومكتوب بين عينيه ( ك ف ر) بالحروف المقطعة، أو (كافر) بدون تقطيع يقرؤها كل مسلم كاتب وغير كاتب.
ومن صفاته أنه عقيم لا يولد له.
روى الإمام مسلم بسنده إلى عامر بن شرحبيل الشعبي- شعب همدان- أنه سأل فاطمة بنت قيس أخت الضحاك بن قيس- وكانت من المهاجرات الأول- فقال: حدثيني حديثا سمعتيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسنديه إلى أحد غيره. فقالت: لئن شئت لأفعلن. فقال لها: أجل. حدثيني فذكرت قصة تأيمها من زوجها واعتدادها عند ابن أم مكتوم. ثم قالت: فلما انقضت عدتي سمعت نداء المنادي؟ منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي: الصلاة جامعة. فخرجت إلى المسجد فصليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنت في صف النساء التي تلي ظهور القوم، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته جلس على المنبر وهو يضحك فقال: "ليلزم كل إنسان مصلاه، ثم قال: أتدرون لم جمعتكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة، ولكن جمعتكم لأن تميما الداري كان رجلا نصرانيا فجاء فبايع وأسلم، وحدثني حديثا وافق الذي كنت أحدثكم عن مسيح الدجال، حدثني أنه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلا من لخم وجذام، فلعب بهم الموج شهرا في البحر، ثم أرفؤا إلى جزيرة... فلقيتهم دابة أهلب كثير الشعر، لا يدرون ما قبله من دبره من كثرة الشعر. فقالوا: ويلك ما أنت؟ فقالت : أنا الجساسة. فقالوا: وما الجساسة؟ قالت: أيها القوم انطلقوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق. قال: لما سمت لنا رجلا فرقنا منها أن تكون شيطانة، قال. فانطلقنا سراعا حتى دخلنا الدير، فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقا، وأشده وثاقا، مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد. قلنا: ويلك ما أنت؟ قال. قد قدرتم على خبري، فأخبروني ما أنتم؟ قالوا: نحن أناس من العرب، ركبنا في سفينة بحرية فصادفنا البحر حين اغتلم (أي هاج) فلعب بنا الموج شهرا ثم أرفأنا إلى جزيرتك هذه، فجلسنا في أقربها، يدخلنا الجزيرة فلقيتنا دابة أهلب كثير الشعر، لا يدري ما قبله من دبره من كثرة الشعر، فقلنا. ويلك ما أنت؟ فقالت: أنا الجساسة، قلنا. وما الجساسة؟ قالت: اعمدوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق، فأقبلنا إليك سراعا وفزعنا منها، ولم نأمن أن تكون شيطانة. قال أخبروني عن نخل بيسان (مدينة بالأردن بالغورالشامي).. قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: أسألكم عن نخلها هل يثمر؟ قلنا له: نعم، قال: أما إنه يوشك ألا تثمر. قال: أخبروني عن بحيرة الطبرية؟ قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: هل فيها ماء؟ قلنا: هي كثيرة الماء. قال: أما إن ماءها يوشك أن يذهب. قال: أخبروني عن عين زغر؟ (في طرف البحيرة المنتهية في واد هناك بينها وبين بيت المقدس ثلاثة أيام وهي من ناحية الحجاز). قالوا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: هل في العين ماء؟ وهل يزرع أهلها بماء العين؟ قلنا له: نعم هي كثيرة الماء، وأهلها يزرعون من مائها. قال: أخبروني عن نبي الأميين ما فعل؟ قالوا: قد خرج من مكة ونزل يثرب. قال: أقاتله العرب؟ قلنا: نعم. قال: كيف صنع بهم؟ فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب وأطاعوه. قال لهم: قد كان ذلك؟ قلنا: نعم. قال: أما إن ذاك خير لهم أن يطيعوه، وإني مخبركم عني: إني أنا المسيح، وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج فأخرج، فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة، فهما محرمتان علي كلتاهما، كلما أردت أن أدخل واحدة أو واحدا منها استقبلني ملك بيده السيف صلتا يصدني عنها، وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها. قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعن بمخصرته في المنبر: "هذه طيبة، هذه طيبة، هذه طيبة- يعني المدينة- ألا هل كنت حدثتكم ذلك؟ فقال الناس: نعم. فإنه أعجبني حديث تميم أنه وافق الذي كنت أحدثكم عنه وعن المدينة ومكة، ألا إنه في بحر الشام أو بحر اليمن، لا بل من قبل المشرق ما هو: من قبل المشرق ما هو، وأومأ بيده إلى المشرق. قالت: فحفظت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3- مكان خروج الدجال:
يخرج الدجال من جهة المشرق من خرسان، من يهودية أصبهان ثم يسير في الأرض فلا يترك بلدا إلا دخله إلا مكة والمدينة فلا يستطيع دخولها؟ لأن الملائكة تحرسهما.
4- أتباع الدجال:
أكثر أتباع الدجال من اليهود والعجم والترك، وأخلاط من الناس غالبهم الأعراب والنساء.
روى مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفا عليهم الطيالسة". وأما كون أكثر أتباعه من الأعراب فلأن الجهل غالب عليهم، ولما جاء في حديث أبي أمام الطويل قوله صلى الله عليه وسلم: "وإن من فتنته- أي الدجال- أن يقول للأعرابي: أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك أتشهد أني ربك فيقول: نعم فيتمثل له الشيطان في صورة أبيه وأمه فيقولان: يا بني اتبعه فإنه ربك " أخرجه ابن ماجه.
وأما النساء فحالهن أشد من حال الأعراب لسرعة تأثرهن وغلبة الجهل عليهن، ففي الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ينزل الدجال في هذه السبخة بمرقناة فيكون أكثر من يخرج إليه من النساء، حتى إن الرجل يرجع إلى حميمة وإلى أمه وابنته وأخته وعمته فيوثقها رباطا مخافة أن تخرج إليه " رواه الإمام أحمد.
5- فتنة الدجال:
فتنة الدجال أعظم الفتن منذ خلق الله ادم إلى قيام الساعة، وذلك بسبب ما يخلق الله معه من الخوارق العظيمة التي تبهر العقول وتحير الألباب. فقد ورد أن معه جنة ونارا، وجنته نار وناره جنة، وأن معه أنهار الماء وجبال الخبز، ويأمر السماء أن تمطر فتمطر. والأرض أن تنبت فتنبت، وتتبعه كنوز الأرض، ويقطع الأرض بسرعة عظيمة كسرعة الغيث استدبرته الريح، إلى غير ذلك من الخوارق، وكل ذلك جاءت به الأحاديث الصحيحة.
وسبب افتتان الناس بالدجال أمور:
1-ظهور زهرة الدنيا والخصب معه، واستجابة الجماد لأمره.
فقد ثبت في الحديث الصحيح: أنه قبل خروج الدجال بثلاث سنوات يصيب الناس فيها جوع شديد، حيث يأمر الأرض فتحبس نباتها كله، فلا تنبت خضراء، فلا تبقى ذات ظلف إلا هلكت إلا ما شاء الله، ثم يأتي المسيح الدجال على هذه الحال فتكون من فتنته أنه يأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، ويأمر خرائب الأرض أن تخرج كنوزها المدفونة فتستجيب له ".
فعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غداة.. وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ".. فيأتي على القوم- أي الدجال- فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له، فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرا، وأسبغه ضروعا، وأمده خواصر، ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله، فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم، ويمر بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل... " رواه مسلم.
2- يجيء الدجال معه مثل الجنة والنار يتبعه نهران:
فعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن مع الدجال إذا خرج ماء ونارا، فأما الذي يرى الناس أنه نار فماء بارد، وأما الذي يرى الناس أنه ماء فنار تحرق، فمن أدرك ذلك منكم فليقع في الذي يرى أنه نار، فإنه ماء عذب بارد" رواه البخاري. وعن المغيرة بن شعبة رضى الله عنه قال: ما سأل أحد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدجال أكثر ممن سألته وإنه قال لي: "ما يضرك منه؟ قلت: إنهم يقولون: إن معه جبل خبز ونهر ماء، قال: هو أهون على الله من ذلك " رواه البخاري ومسلم.
3- سرعة انتقاله في الأرض والبلاد التي لا يستطيع دخولها:
ففي حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه- الطويل- قال: "... قلنا: يا رسول الله، وما إسراعه في الأرض؟ قال: كالغيث استدبرته الريح... " رواه مسلم. وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "... وإنه لا يبقى شيء من الأرض إلا وطئه وظهر عليه إلا مكة والمدينة لا يأتيها من نقب من أنقابها إلا لقيته الملائكة بالسيوف صلته حتى ينزل عند الضريب الأحمر عند منقطع السبخة، فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات، فلا يبقى فيها منافق ولا منافقة إلا خرج إليه؟ فتنفي الخبيث منها كما ينفي الكير خبث الحديد " أخرجه